روائع مختارة | قطوف إيمانية | عقائد وأفكار | اليهود.. والبداء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > عقائد وأفكار > اليهود.. والبداء


  اليهود.. والبداء
     عدد مرات المشاهدة: 2357        عدد مرات الإرسال: 1

لا يحب المرء أن يظهر أمام الناس بمظهر المعرض عن قبول الحق والانقياد له.

وذلك لما في الإعراض عن قبول الحق من المسبة والمنقصة ، لذلك يلجأ المعرضون عن الحق إلى الاعتذار عن إعراضهم بالحجج الواهية ، والأعذار الساقطة ، حتى لا يظهروا بذلك الوصف المشين.

واليهود من أعظم الأمم إعراضا عن الحق ، ونفورا عنه وعن العمل به ، ولكنهم - وخشية من أن يظهروا في أعين متبعيهم بهذا الوصف - فقد اخترعوا لأنفسهم حجة يتمسكون بها ،ويظهرونها لأتباعهم.

ويدفعون بها عن أنفسهم صفة الإعراض والاستكبار عن قبول الحق ، حيث عللوا موقفهم من شريعة الإسلام ، بأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الشريعة الربانية ينسخ شريعة التوراة .

قالوا : والنسخ على الله محال لأنه بداء ، فالقائل به متهم لله بالجهل ، ذلك أن الله - وهذا قولهم - إذا حكم بحكم ، فذلك الحكم هو المصلحة ، فإذا نسخه وقضى بخلافه ، فهذا يدل على أن الله بدا وظهر له فساد الحكم الأول.

وهذا اتهام لله بالجهل ، وهو ممتنع ، فدلَّ ذلك على امتناع النسخ في حق الله لما يلزم القائل به من المعنى الباطل ، وإذا بطل اللازم بطل الملزوم ، فتعين القول بأن شريعة موسى هي الشريعة الحقز

وما أتى بعدها فباطل وضلال ، ومثل هذه الحجة الواهية - وإن زخرفت حتى بدت كالحق - إلا أنها سرعان ما تتهاوى عند معاول النقد والتمحيص ، فقد أجاب العلماء على حجتهم تلك ، فقالوا : أرأيتم أيها اليهود شريعة موسى عليه السلام التي تدَّعون التمسك بها ، هل كان قبلها شيء من شرائع الله وأحكامه ؟ فإن قالوا : لم يكن قبلها شيء فقد كذبوا بنص التوراة التي ذكرت أن من شريعة نوح القصاص.

ومن شريعة إبراهيم عليه السلام الختان ، وإن قالوا : كانت هناك شرائع قلنا أو ليس شريعة موسى جاءت ناسخة لتلك الشرائع ، فكيف تجيزون لأنفسكم ما تحرمونه على غيركم :
أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس

ومن الأدلة على أن التوراة جاءت ناسخة للشرائع السابقة تحريم الأعمال الصناعية في يوم السبت ، وقد كان العمل يوم السبت من المباحات ، وهذا هو عين النسخ الذي ينكرونه ويزعمون أنه يلزم منه البداء . فهذه بعض أوجه إبطال قولهم ، ثم نأتي على حجتهم التي استندوا عليها فنقول : البداء يأتي على ثلاثة معان :

1- البداء في العلم ، وهو أن يظهر له خلاف ما علم ، وهذا لا يقول به عاقل في حق الله جل وعلا ، لتمام علمه وإحاطته بكل معلوم .

2- البداء في الإرادة ، وهو أن يظهر له الصواب على خلاف ما أراد ، وهذا أيضا مستحيل على الله عز وجل لما يلزم عنه من نسبة الخطأ إليه سبحانه .

3- البداء في الأمر ، وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك ، فهذا ما نسميه نسخا وليس هو بممتنع في حق الله سبحانه ، ولا يلزم منه تجهيل الرب ، ولا نسبة الخطأ إليه ، ذلك أن اختلاف الحكم هنا ليس سببه أن الله قد ظهر له فساد ما كان يعلمه صالحاً ، فيلزم من القول به تجهيل الله جل وعلا، كلا.

ولكنَّ الحكم كان مصلحة في زمن ضمن ظروف وملابسات معينة ، فلما انتفت تلك الظروف والملابسات ، لم تبق مصلحة في بقاء الحكم السابق ، فينسخه الله سبحانه بحكم آخر ، يناسب ظروف وملابسات ذلك الزمن ، وهذا من تمام حكمة الله سبحانه.

وكمال علمه ، وليس في القول به انتقاص للخالق سبحانه ، ولا اتهام له بالجهل ، وهذا ظاهر بين ، ولنضرب لذلك مثلا يتضح به الكلام ، فنقول: لقد حرَّم الله على بني إسرائيل أكل كلِّ ظفرز

وحرم الله عليهم بعض شحوم البقر والغنم ، كما قال تعالى: { وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إلا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } (الأنعام:146) لكن هذا التحريم لم يكن لضرر في المأكول المحرم ، وإنما كان عقوبة لبني إسرائيل على بغيهمز

كما نصت على ذلك الآية القرآنية السابقة ، فهل من المناسب أن تعاقب الأمم اللاحقة بهذا التحريم بسبب ظلم بني إسرائيل وطغيانهم ، إن الحكمة تقول ألا يؤخذ أحد بجريرة أحد ، وألا تزر وازرة وزر أخرى ، فهل في هذا عيب يلحق الخالق سبحانه بنسخه الحكم السابق ، إن العقل يشهد بحسن ذلك النسخ ، وأنه على مقتضى الحكمة والعدل .

ومثال آخر وهو تحريم إسرائيل ( يعقوب ) عليه السلام لحوم الإبل على نفسه ، واقتداء بني إسرائيل به في ذلك ، فهل من المناسب أن يبقى هذا التحريم سارياً حتى بعد مجيء رسول جديد بشرع جديد ، وما الحكمة التي تجعل من نذر يعقوب عليه السلام شرعا دائما على سائر الأمم والشعوب ، !!.

ومن عجيب أمر اليهود الذين ينكرون النسخ ، كيف أنهم وصفوا الله عز وجل بأقبح الأوصاف ، حيث زعموا أنه ندم سبحانه على خلق الخلق ، وشقَّ عليه ، لمَّا رأى كفر قوم نوح وإعراضهم.

ولعمر الله إن ما ينكرونه من نسخ الشرائع أهون مما وصفوا الله به ، ذلك أن نسخ الشرائع لا يدل على ظهور أمر كان خافيا عليه سبحانه - كما أوضحنا ذلك - بخلاف دعواهم أن الله ندم على خلق الخلق لما رأى كفرهمز

فإن ذلك تجهيل للحق سبحانه ، ونفي لعلمه بما تؤول إليه أمور خلقه ، فانظر إلى نفيهم النسخ - وهو حق - توصلا إلى نفي شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن قبله عيسى عليه السلام ، ثم انظر إلى وصف الرب جل جلاله بالندم ، لتعلم مدى جرأة هؤلاء وكفرهم وتناقضهم .

المصدر: موقع إسلام ويب